الركائز الشعرية عند الشاعر ياسين عقيل الشاوي

2٬182

وكالة عشتار الأخبارية :

انتظار الوردي

رافقتُ الكتب والمكتبات على مدار أحد عشر سنة وكنتُ قد قرأتُ الكثير من الدواوين الشعرية ولاحظتُ بعد هذه الرحلة الطويلة من القراءة والاستكشاف أنّ شاعرية الرجل خاصة ترتكز على ثلاث(الوطن،الحبيبة، الشوق لأيام الطفولة والصبا والتحسر عليها)والمتابع لمقالاتي ودراساتي النقدية يلحظ ذلك بوضوح شديد فها هو الشاوي في مجموعتيه(ظمأ لم يكتمل،ماتحته خط) كتب عن هذه الركائز وقد تكون شاعريته عرفت عن طريقها أيضاً فإننا نجدهُ في نصوص(ومضة،آخر الناجين،المعراج،أنا وأخويّ) والكثير من النصوص التي ضمتاها هاتين المجموعتين حزين على وطنه متحسر عليه يروي لنا ماحدث له جراء الأحداث الأخيرة وكأن الله لم يكن ليكتبه من الشهداء ليروي على مسامع العالمين رواية العراق وشعبه الذي استشهد نصفه في سبيل هذا الوطن الجريح.

والشاوي شاعر عراقي فجع كبقية اخوته بشهداء بلده فأخذ يرثيهم ووضع لهذا الرثاء عدة عناوين كـ(المعراج، عودة،شهداء)وكذا الحال حينما منَّ الله علينا بنصر من عنده وفتح قريب وجدناهُ معبراً عن بهجته ثانياً على الحشد المقدس عبر نصوص(من أنا،المغنم،عين على الطف).

ولأن الشاعر لسان حال الشعب والمعبر عن جميع مايعيشونه يقول في نصه(العراف):

أنّ الشاعرَ لا يصمتُ أبدَ الدهر

مادام ضميراً جمعيَّاً للناس..

وهذا الضمير الحي حينما ينبض قلب صاحبه فإنه لا ينبض إلا صدقاً ويتنفس من أنفاس عشيقته التي يحسبها ذاكرته الأولى ولا يريد أن يرَ في عينيها دمعة واحدة حتى بعدما رفض أهلها ذلك العشق وقاموا بتزويجها من غيره قسراً وهي حادثة ينقلها نص(وأنا لي بلقيس أيضاً)الذي نلحظ فيه الكثير من التناص القرآني كقوله:(اشبعتها رطباً جنيا)،(ماكان سوءاً او بغيا)،(انطقتهن فاحضروا تابوت مهدك ياصبيا)،(لن يحصدوا مثلي سميا) وكذلك:

ماإن ركبنا الصبر اخرق تحتنا السور العليا

قلت الجدار لنستظل فما رأى كنزاً خفيا

جاءوا الغلام ليقتلوه فقلت ذاكم سومريا

وفي الشطر الأخير من النص ذاته:

من يستطيع الصبر يحمل حملنا دهراً قصيا

وربما يكون هذا مايجعل الشاعر يشعر إنه مولود في غير زمنه وهذا المولود سيكبر من دون أن يشعر لكن روحه طفولية حتى الموت.

وللشاوي رسائل ثلاث أراد أن يوصلها لمن يقرأ مجموعتيه هاتين عبر النصوص(ماذا لو،امشي لوحدي، صلاة مهملة)وقد كان موفقاً فيها خاصة الرسالة الأولى اللافتة للانتباه والمثيرة للاهتمام إذ أخبرنا من خلالها أننا لو لازمنا الكتب وعملنا على تثقيف أنفسنا وكان ماندرسه مناسباً لنا فلم يبقَ هناك خطأ واحد نحاسب عليه يوم القيامة الذي ربما لم يكن موجوداً لعدم وجود الخطأ المرتكب في حياتنا الدنيا.

أما الرسالة الثانية فهي أشبه بالتنبيه لمن يضد الشاعر المتيقن من عزمه العارف طريقه الدارك لهدفه مذ أن كان نطفة.

والرسالة الأخيرة لا تقل أهمية عن سابقتيها كونها تنصحنا بعدم تأجيل أحلامنا والكف عن محاربة بعضنا لأن الوقت يأخذنا قبل أن ندرك أن لا فائدة من ذلك كله.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار