عَزْفٌ علَى أوْتَارِ الوَجَع .. قراءةٌ في سِيمِياءِ عُنْوَان مَجْمُوعَة (أراني أعصِرُ حِبرًا) القَصَصِيَّة للكاتب عبدالله الميّالي

620

وكالة عشتار الأخبارية

لطيف عبد سالم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلافًا لِمَا قَدْ يظن بعض متذوقي السرد مِنْ أنَّ كتابةَ (القصةَ القصِيرة جدًّا) تُعَدُّ مِن المهامِ اليسِيرَة والمُمْكنة الإنْجاز بسببِ محدودية حجمها، فإن ما يستوجب حضوره من تقنياتٍ يجعل مِنْ هذا الجنس المُثير للجدلِ فنًا صعب المراس، بل أصعب بكثير مِن القِصةِ القصِيرة والرِواية؛ بالنظرِ لِمَا يتطلب مِنْ حنكةٍ وخبرة وإلمامًا بقواعدِ السرد، إذْ يُجِمع الكثير مِن النُقادِ والباحثِين والدارسِين على أنَّ القِصةَ القصِيرة جدًّا، نوعٌ أدبِي له أصول وقواعد. وَقَدْ لَا يكون مِنَ السَّهْلِ إِخْضاعُهُ وَجَعْلُهُ مُنْقادًا مِنْ بعضِ مُتبنِّيَه مِن الأُدباء؛ بالنظرِ لكونِهِ مقيّداً بحدودٍ مُعيّنة، إذْ يتطلب تركيزًا وقوة ملاحظة ولُغة مُتميزة بِخصوصيتها، مَا يَعنِي حاجة مَنْ يحاول الإبْحَار في غمارِ هَذِا الجنس الأدبِي الحدِيث إلى الحنكةِ والخبرة والتجربة التي تؤمن لِكاتبِها إلمامًا بقواعدِ صياغتها، والتي مِنْ شأنِها تحقيق السمات الجوهريَّة في تشكيلِ القِصةَ القصِيرة جدًّا، التي تقتضِي ثراءً معرفيًا كبيرًا، وبراعة في توظيفِ التقانات كاستعمالِ المُفارقة والعجيب والذاكرة والحلم والفانتازيا، فالقصةَ القصِيرة جدًّا بحسبِ النُقاد لها فكرة مركزة، لكنها غنية بما تحمله مِنْ إشاراتٍ أو تناصات سواءً أكانت تاريخيَّة أم اجتماعيَّة أم أدبيَّة أم غيرها.

وفي هَذَا السياق يمكن القول إنَّ القصةَ القصِيرة جدًّا حَظيت بِتعريفاتٍ عدَة، فَقَدْ عَرفها القاص والروائِي العراقي هيثم بهنام بُردى بأنها: “جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف، والنّزعة القصصية الموجزة” (1) ، فِيمَا أشارَ إليها القاص العراقي عباس عجاج، بوصفِهَا: “فن سردي حداثي، قصير، مكثف، له اشتراطاته الخاصة، وخطابه السردي، ويعتمد في بنيته على قول الكثير من المعنى بالقليل من الكتابة، ينفتح على التأويل، يتسم بقصر الحجم والإيحاء المكثف، ووحدة المضمون مع قصصية موجزة” (2)

وَمِن النُقاد الذين أسْهَبوا في مُحاولةِ تَعْرِيف القصةَ القصِيرة جدًّا، الكاتب والباحث المغربي الدكتور جميل حمداوي، الذي عبر عنها بالقول: “إنها جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم، والإيحاء المكثف، والانتقاء الدقيق، ووحدة المقطع، علاوة على النزعة القصصية الموجزة، والمقصدية الرمزية المباشرة، فضلاً عن خاصيةِ التلميح والاقتضاب والتجريب، واستعمال النفسُ الجُمْلي القصير الموسوم بالحركية والتوتر المضطرب وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار”. (3)

***

بَعْد هَذِهِ التَوْطِئَةِ المُخْتَصَرَة الوَجِيزَة، يمكن القَوْلُ إنَّهُ: بِعَزْفٍ هَادئٍ على وَتَرِ هُمُوم الحَيَاة اليوميَّة، يطالعنا القاص العراقي عبد الله الميّالي، في مَجْمُوعته القَصَصِيَّة الفائزة بالمرتبةِ الثالثة في جائزةِ دمشق للقِصةِ القصِيرة جدًّا – الدورة الثالثة (2022- 2023م)، والتي وسمها بـ(أراني أعصِرُ حِبرًا)، بِمَا تفيض بِهِ أرواح أبناء وطنه مِنْ وجعِ الليالِي، مُلقِيًا بِعَذاباتِ وآهات وأحْزَان شريحة واسعة مِن عامةِ الناس في رحمِ مئة قصة قصيرة جدًّا، كاشفًا في سياقِها وَدلالاتها وَتأويلاتها بتأشِيراتٍ عميقة وبالغة الدقَة، ارْتْهان واقع يومِيّ بِمُعانَاةِ إنْسَانٍ حَالِم بِتحقيقِ الحَد الأدْنَى مِنْ ضَرُوراتِ الحياة مَا بَيْنَ المِطْرقة والسَّندانِ.

وَلَا أكْتم سِرًّا إنْ قُلت: إنَّهُ قَبْلَ أنْ أُفَاجأَ بروعةِ مُحْتوى مَجْمُوعة (أراني أعصِرُ حِبرًا) القَصَصِيَّة، أبْهَرَنِي عُنْوَانها، الذِي مَنَحَها صِفَةٌ مُمَيِّزَة؛ فأَغْرَانِي الأمر المَذْكُور بالمُحَاولةِ في تفسيرِ اِخْتيَار الكاتب عبد الله الميّالي وسم هَذِهِ العتبة المهمة، بَعْدَ أنْ وَجَدتُ ضَرُورة الوقُوف عندها، بالإضافةِ إلى السَعْيِّ لمَعْرفَةِ المَصْدر الذِي استُوحي مِنهُ الميّالي هَذَا العُنْوَان الذي قَدْ يكون عَلاَمَةٌ فارقَة في أدبهِ.

***

مِنْ نافلةِ القول إنَّ العُنْوَانَ يُعَّدُ بوصفِهِ أولى العَتبَات النصيَّة للعَملِ الإبْدَاعِي؛ بالنظرِ لِمَا يُمثل مِنْ مدخلٍ ضروريٍّ لِقراءةِ النَصّ السَردِي. وبالاِسْتنَادِ إلى غالبيةِ النُقاد، فإنَّ العُنْوَانَ يتسم بالإيْجَاز والاِخْتصَار مَعَ تَحْقِيقِ مبدأ (قصدية المُتكلم)، ومبدأ (الإفادة والقبول) لدى المُتلقي. وَقَدْ حظي العُنْوَان باهْتمام الكثير مِن النُقاد الغربيين، فهو في نظرهم أي العُنْوَان، نظامًا سِيمائيًا ذا أبْعَاد دلاليَّة، وأخرى رَمْزيَّة تُغْرِي البَاحِث– المُتلقِي – بتتبعِ دلالاته، ومحاولة فك شيفرته الرامزة. وبعبارةٍ أخرَى: “يحدد العُنْوَان هُوِيَّة النص ويشير إلى مَضْمُونَهِ كما يُغْري القُراء بالاطلاعِ عليه”.

وَانْسجَامًا مَعَ مَوضُوعِ بَحْثِنَا، مِن المُناسبِ الإشارة هُنا إلى مَا وردَ في حديثِ الكاتب المغربِي محمد بازي، الذي سلطَ فيهِ الضوء على جوانبٍ هامة مِن نسقنِا الثقافِي الذي يحتل فيه العُنُوان مكانًا مركزيًا في الثقافةِ العربيَّة، بوصفه مكونًا ضروريًا في إنْتاجِ النصوص وتأويلها، حيث خلص إلى القول: “فالعنوان بمثابة الرأس للجسد وفي الرأس تختبئ أسرار الجسد، بل هو الموجه والمتحكم في تداول النصوص ثم تأويلها. أما عناوين الدواوين الشعرية والروايات والقصص والمقالات – الحديثة على الخصوص- فهي تقوم في أغلبِ الأحيان على المُراوغةِ والإيْحَاء”. وفي الفصل الذي جاء تحت عُنُوان (في نظريةِ العُنُوان الحديثة)، يقول بازي: “يعتبر العنوان في نظريات النص الحديثة عتبة قرائية وعنصرًا مِن العناصرِ الموازية التي تسهم في تلقي النصوص وفهمها وتأويلها داخل فعل قرائي شمولي يفعل العلاقات الكائنة والممكنة بينهما”. (4)

وفي سياقِ بَحْثنا الحَالِي، يَسْتجلِي المُتلقِي عند محاول اِسْتقْرَاء وتَحْلِيل عُنْوَانَ هَذِهِ المَجْمُوعةِ (أَرَانِي أَعْصِرُ حبراً)، أنَّهُ جاء متناصًا بِتِقنيَةٍ أغنته بلاغة وفصاحة السارِد الأديب الميّالي جَمَاليَّة مع قوله تعالى: “قالَ أحدُهُما إنّي أرانِي أعصِرُ خمرًا”. (5)

وبعِيدًا عَنْ الدخولِ في مَضْمُونِ الآيَة الكَرِيمَة وتفاصيلِ القِصَّة التي حملتها، فإنَّ ما يهمنا هُنا هو أنَّ عبارةَ “أَعْصِرُ خَمْرًا”، عُنيَ بِها مِنْ فَحْوى مَا أُتيح لنا الاِطْلاع عليه في العدِيدِ مِن التفَاسِيرِ التي تناولت هَذِهِ الآيَة الكَرِيمَة “أَعْصِرُ عِنَبًا”، أي أنَ الفتَى- الذي غضبَ عليه الملك – رأى في نومهِ أنَّهُ يَعْصر عنبًا؛ لأنَّ أهلَ عُمان، يُسمُون العِنَب خَمْرًا بلغتهم.

إنَّ إمْعَانَ النَظَر بِعمليةِ عَصْر العِنَب، إلَى جانبِ غيره مِنْ بعْضِ أنواع مِمَا يؤكل للتلذذِ مِنْ الثمارِ الطازجة لأشْجَارِ الفَاكِهَة أو الْخُضْرُوَات، يفهم مِنْها بِلَا رَيْب أنَّ المُبتغَى هو اِسْتَخْرَجَ ماءهُ، إذْ ينْتج عَنْها عصيرًا بِمَذَاقٍ مُذْهلٍ يعود بالمنفعةِ لِمَنْ يرغب في تناولهِ، فضلًا عَنْ أنَّ العَصِير الناتج مِن الموادِ المذكُورة يُعدُّ بحسبِ المُتخصصِين مِن المصَادرِ الغنيّة بالمركباتِ الغذائيَّة المُفِيدَة، التي مِنْ شأنِها الإسهَام في تقلِيلِ خطَر إصَابة الجسم بالعديدِ مِن الأمْرَاض، بمعنى أنَّ عمليةَ العَصْر هُنا تُفضي إلى تَحويلِ الفَاكِهَة أو الْخُضْرُوَات مِنْ حالةٍ إلى أخرى لا تقل كثيرًا في منفعتِها عَنْ أصلِها، ولكن السؤال المهم جدًا الذي يطرح نفسه هُنا هو كيف ستكون مُخرجات عمليةَ العَصْر، إذا كانت مُدخلات تغذيتها نتاج نُفُوس، أقلُّ ما يُقالُ عَنْهَا أنَّها مَلِيئةً بالهَمِّ والغَمِّ، ومُحملةً بالحزنِ والكَرْبِّ، فضلًا عَنْ كلِّ مَا يعكس إساءةً لِجمَالِ النَفْس الإنْسَانيَّة؟!.

ومِمَا تقدم، يبدو واضحًا بالنسبة لِلمُتلقِي، أنَّ الميّالِيَ عمد إلى اِنْتخَابِ عُنْوَان مجمُوعته بِرَمْزيَّةٍ حَرَصَ على رَسْمِهَا بعنايَةٍ، فجاء مُعَبِرًا عَن جهدٍ واِجْتهَادٍ بِدِرَاسةِ خلجاتِ الإنْسَان في مُجْتمَعِ البَحْث وشرائحه كافة، راصدًا ومُتتبعًا في نُصُوصِ مَجْمُوعتِهِ لِما يعاني مِن آهاتٍ وَأنَاتٍ في بلدٍ غَزِيرٍ الثَرَوَات والمَوَارِد، إلَا أنَّهُ أبْتلِيَ بآفاتِ الحروب التي خلفت جملة مِن الآثَار التي لا حَصْرَ لها على مُستوَى الفرد وَالجماعات. وَالأدْهَى مِنْ ذلك أنَّ إنْسَانَ هَذَا الشرْيانِ الحَضَارِي مَا يزال عرضةً للأوْجَاعِ وَالآلام، إلى جانبِ غيرهما مِن التَفَاصِيلِ العَالِقَة في الذَاكِرَة.

وَمِنْ هُنَا تبرز لنَا كيف تبلورت معالم لوحة العُنْوَان الأسَاسِيَّة التي نَسجَت عوالمها (الزَمَانِيَّة والمَكَانِيَّة) أنامل الميّالي، بوصفها بؤرة فضاء الحَدث السرْدِي للمَجْمُوعةِ، التي تمحورت حولها، وانطلقت مِنها ثيمات وأحداث نصوصها، والتي عبرت عَنْ تَكْثِيفِ إحْسَاس كاتبها بمُعَانَاةِ وَبؤس نفوسًا مكلومة، مُتكِئًا على المَآسي وَالأحْزَانٍ وَالآلَام التي خلفتها الخسَارَات المُوجِعَة؛ جَرَاء الأحْدَاث العَصِيبَة التي عاشتها البلاد، فضلًا عَمَا يرتبط بِهَا مِنْ ترْجَمَةٍ لِمُحاولةِ تَعْمِيق إدراك المُتلقِي بِمَا مِنْ شأنِهِ إفْقَاد الفرد الشُعُور بِالبَهْجَةِ والسَعَادة والفَرَح، الذي يفضِي مِنْ دُونِ أدنَى شك إلى جَعْلِ رَغْبَة الإقْبَال على الحياةِ والاِسْتمتاع بها، حلمًا صعْب التحْقِيق، أو ربما تبدو أمْنِيَة بَعِيدة المَنَال؛ بسببِ اِفْتقار الإدَارَات مُمثلَة بولاةِ الأمُور إلى مَا بِوسْعِهِ أنْ يَبُثَ في نفوسِ الناس الأملِ والفَرَح، فضلًا عَنْ غيرِهمَا مِمَا يقْتَضِي حضوره مِن العَوامِلِ المؤثرَة التي بِمقدورِها أنْ تزيدَ مِنْ هممِ وعزائم ورغبة أفراد المُجْتمع في التعَاملِ مع الحياةِ بِإيْجَابيَّة؛ بغية مواجهة المواجع التي تقض مضاجعهم وتؤرق لياليهم وتصد عنهم كلّ رَغْبة جامحة في مُمارسةِ الحياة بِصورتِها البَهِيَّة الزاهيَة المُفْعَمَة بالقيمِ الإنْسَانِيَّة والرُوحِيَّة والأخْلَاقيَّة، التي تُسْهِم في تَعْزيزِ الشُعُور بقِيمَةِ الحَياة، والتي بلا ريَب مِنْ شأنِهَا أنْ تواجه بقوةٍ اِسْتجَابَة أفْرَاد المُجْتمع للإحْبَاطِ وخَيْبة الأمَل، وتُلهمهم وتُشجّعهم على تَبنِي المُبادرَات والمُمارسَات الاِجْتماعيَّة الكفيلَة بالمُعاونَةِ في صبغِ كلّ مرافق الحياة مِنْ حولِهم بالسَعَادةِ، التي تُعَدُّ المفتاح الرئيس لمهمةِ تقدم ورخاء واِزْدهَار البلدان.

تأسِيسًا على مَا تقدم، فإنَّ إحْسَاسَ كَاتِب المَجْمُوعة بِما بِمَقْدورِه أنْ يجْرحَ الكَرَامَة الإنْسَانِيَّة، وَمَا بِوسعِهِ أنْ يستفز الآلام التي تَزْدحِم بِهَا الذَاكِرَة، فضلًا عَمَا مِنْ شأنِهِ أنْ يَسْتحضرَ مَا جَرى وَمَا يجري مِنْ أحْدَاثٍ وَوَقائع وَمَآسٍ، ألزمتْهُ الجَهد في محاولةِ قراءة الواقع الذي يَشْعر بِه؛ بَحْثًا عَمَا يَستَنْفر هَواجِسه، التي تواجه على مَا يبدو صعوبَةً في تَطْوِيعِ الكَلمَات؛ لِفدَاحةِ الأحْدَاث وَقسْوتها على النَفْسِ البشريَّة، الأمر الذي فَرَضَ عليه الحرص على الإمْسَاكِ بكَلماتِ سِيمِياء العُنْوَان، التي قَدْ تهرب مِنْ مُحِيطِ تَفْكِيرِه؛ بِفعلِ جَسَامة الوجع الذي يقْتَضِي حضُور عبارَات فيها مِن الرَمْزِيَّةِ مَا مِنْ شأنِهِ أنْ يَتمَاهَى مع قيمةِ وَعُمْق ثيمة المَجْمُوعَة، وكأنَّهُ يَعْصر الحبْر الذي يُرْسَم بِهِ مَا تَزَاحَمَ مِن الكلمات التي بِمَقْدُورِهَا إيْقَاظ الشُعُور بالمِحْنَة.

***

الإحالات:

(1) هيثم بهنام بردى، القصة القصيرة جداً الريادة العراقية، دار غيداء، عمان، الأردن، 2016م، ص15.

(2) عباس عجاج، حوارات عربية حول القصة القصيرة جداً، دار إدراك، 2020م، ص ص8-9.

(3) د. جميل حمداوي، من أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جداً (المقاربة الميكروسردية)، ط 1، شركة مطابع الأنوار، المغرب، 2012م، ص 8.

(4) محمد بازي، العنوان في الثقافة العربية، التشكيل ومسارات التأويل، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، ودار الأمان، الرباط، 2012م.

(5) القرآن الكريم، سورةِ يوسف، الآية (36

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار