يقينُ المرحلة الرابعة

3٬396

 

وكالة عشتار الأخبارية

نعيم شريف

قدْ يِخيفُني شخصٌ بيقين، أكثرُ مما يُخيفني شخصٌ بسكين، اليقين المُسلّح بصحته ويقينيته الذي يُشهرُ أمامك ، أشدُّ مضاءً من سلاحٍ يشهرُ في وجهك.

عقيدتك أو فكرتك أو قدوتك التي تؤلّه أو تُقدّس هي شأنٌ شخصي، فالعراقي الذي يُقدِّسُ شخصاً ما، أو الهندي الذي يعبدُ بقرةً ما أو البوذي الذي يؤمن بإله بشري هي خياراتهم ولهم فيها حق وجودي صرف ، وكُل هذا اليقين في ما تؤله أو تُقدّس هو شأنك وحدك، فلتسعد به ولتقرَ عيناً، لكن ذلك اليقين لا يجب أن يذهب للآخرين، كما قلت لك هو مزاج شخصي لحضرتك، تماماً كذائقتك في اختيار لباسك، أو دراستك أو طعامك الذي تفضل، مسألة شخصية، هل رأيت يوما ما شخصاً طرق باب بيتك وقال لك : إنني أدعوك لأن تلبس بنطالاً أزرق اللون مع قميص بني، ليس هذا اقتراحاً بل هو أمرٌ!

وإن اعترضت قال لك إنني متيقنٌ من أن أمري لك فيه مصلحتك فلا تجادل أو ستقتل.

قد يكون قتلك فعلاً واقعياً أو اغتيالاً معنوياً لك في مجتمعك،

إذا رفضت أن تصدع للأمر اليقيني من الآخر.

ماذا لو أنك، أيّها المُتيقن، فتح الله عليك، واكتشفت خطل يقينك الأول الذي هددت غيرك باعتناقه؟

يقينك الشخصي يجب أن لا يتحوّل الى سلاح مشهرٍ في شارع مزدحم بالعابرين، لأنه سيكون يقيناً مُهَدِّداً للحياة المدنية.

الفلاسفة الذين كانوا يتمتعون بشجاعة أن يُشكِّكوا بيقينات آمنوا بها في زمن مضى، أكثرُ منطقيةً وذكاءً ممن تكلّست لديهم يقينيات لم تدع لأفكارهم هامشاً للتقدم.

إنني ،أطمئنُ لبتراندرسل أو فردريك نتشه أو البير كامو أو ابن رشد أكثرُ مما أطمئنُ لمن بقوا سجناء يقين صخري يخشون أن يُسائلوه أو يختبرونه.

اليقين الواثق من يقينيته، صار يصل الى كُل مكان، يفتشُ في النوايا و الضمائر والرؤوس، وهذه لعمرك، أعراض السرطان، فالسرطان لا يقيمُ وزناً لأي من أعضاء الجسد.

وسرطان اليقين عند ثلثي هذا المجتمع، هو في ال stage four.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار