ماسك السرد..رؤية جمالية في روايات علي لفتة سعيد

808

وكالة عشتار الأخبارية

تأليف د. صباح محسن كاظم

عقيل هاشم

في كتابه ماسك السرد والصادر حديثا من دور نشر ايرانية،وضم الكتاب مقالات عن ثلاث روايات هي السقشخي البدلة البيضاء للسيد الرئيس ومواسم الاسطرلاب..

ضم الغلاف الثاني آراء نقدية من نقاد عرب عراقيين.. حسب الله يحيى واحمد بلخيري وعز الدين جيلاوي وفتحي بن معمر و د. وسلوى النجار…أما الغلاف كان للفنان علي عبد الكريم..

يشير المؤلف د. صباح محسن إلى الإحاطة الشاملة بأدب الروائي علي لفتة سعيد ومن خلال دراسة ثلاث روايات وكشف انساقها المضمرة.

وجوهر هذه الإشارة كامنٌ، بلا ريب، في أن مادة الكتاب هي المُنجز الكتابي النقدي، الذي تشكّلت به تجربة الروائي علي لفتة سعيد . من تعدد فضاءات مسروداته، واكتنازها سعةً وثراءً وتدفقا سرديا.

اقول هذا الكتاب جامع طروحات اقلام نقاد تنوعت مناهجهم الجمالية وكشف لنا سعة ثقافة المؤلف في رصد مدى قدرته المعرفية التامة في تتبع المشهد السردي والحفر والتنقيب معا في ماينجز نقديا واطلاعه الدؤوب واشتغاله المعرفي والنقدي والبحثي والتحليل .

ويبدو لي أن هناك بُعدا إضافيّا، هو التركيز على الأبعاد الإيحائية في العلاقة بين العنونة ومعطيات التجربة (مادة الكتاب) ماسك السرد. يتمثّل في نسقين، الأول: نسق التفاعل بين معطيات التجربة نفسها للروائي، وفاعليته في إثرائها المطرد؛ إذ يتشكل من العلاقات، التي تتخلّق من انتقالات التجربة بين أجناسها المتعددة. ويتوازى مع ما ينشأ من علاقاتٍ وفقا لسياقات الدلالة الوظيفية . وهي سياقاتٌ تتحكم فيها علاقةُ المتغيّر (الثيمة/ الشخصية ) في كل رواية.

ويتمثّل النسق الثاني، في صراع معطيات التجربة المتعددة للنص الروائي وتسليط الضوء على (الهامش) مع (المتن)؛ سعيا إلى أن ينال (الهامش) استحقاقاته في المشهد الثقافي والإبداعي. وهو ما أشار إليه الكاتب د. صباح محسن ، في قراءته الثقافية التي تصدرت الكتاب، واقترب فيها من الكشف عن الارتباط النسيجي، بين هذا النسق وعتبة العنونة وإحالاتها على المضمون المتعدد. بما في هذا المضمون من تجسيدٍ للصراع النسقي، الذي تدور حوله تجربة الروائي السردية، والتعاطي معها بوصفه صراعا بين المتن والهامش، يحاول فيه الهامش التصدي لهيمنة المتن، من خلال إثبات وجود الذات المبدعة القادمة منه. وبذلك، يمكن القول إن عتبة العنونة اتسمت بتعددٍ إيحائي ودلالي، أفضى إلى تجانُسِ الإحالةِ فيه على جوهرِ التعددِ والتنوع في التجربة، التي يقوم عليها اشتغال الكتاب. كما أحالت على انعكاس هذا التعدد في الخريطة التوزيعية لمحاور الكتاب ، وتمفصُله عناوينَ داخلية، دخلت في صياغتها كلها، الكلمة المحورية ماسك السرد في العنونة الخارجية (قراءة جمالية نقدية) فجاءت أقسام الكتاب، على هذا النحو: الاحتفاء المنهجية النقدية العربية من خلال دراسة أدب الروائي ..

لا شك في أن التعاطي مع تجربةٍ الكاتب علي لفته سعيد على هذا المستوى من الاستثنائية، يحمل في طياته معنىً من معاني الاحتفاء بشخصية مبدعة وقد شكلت حضوراً عربيا ، وهو ما لم تفت المؤلف الإشارة إليه. وإلى اتّسام رواياته الثلاث بهذه القيمة من الاحتفاء النبيل، فإنه قد قام في اشتغاله على نوعٍ من النباهة الكتابية، التي أفلح المؤلف من خلالها .

وقد بلغت منهجية التأليف في هذه المساحة مستوىً عاليا من الرُّقي ، وتعاطى معها بوصفها دروس من النقدية وروايات موجة الحداثة وتصالُحا مع الجديد. وبذلك جسّدت هذه الرؤية إيجابيةَ الاشتغال النقدي، وما يضعها في سياقٍ من الشعور بالمسؤولية النقدية تجاهَ شكلٍ من أشكالِ التحديث المنهجي.

كشفت سياقات الكتاب عن محورٍ مُهِمٍّ، تتشاركه المسارات المختلفة في تجربة المتعدد، متمثِّلٍ في نسق تلك السرديات من الحياة الواقعية، بمكوناتها الثقافية والاجتماعية والتاريخية والدينية والأنثروبولوجية، التي استندت إليها تجربة الروائي والاطلاع على تفاصيل الحياة ويومياتها، بحثا عن نسيج العلاقات بين تفاصيل هذا النسق وانعكاساتها في المُنْجَز الإبداعي، والدور الفاعل الذي اضطلع به هذا الواقع في تشكيل هذه الشخصية بأبعادها المختلفة إبداعيةً ومعرفية وفكرية.

وختاما اقول الكتاب عمل على الإسهام من خلال هذه الاطراس النقدية في معرفة وبلورة المشهد الثقافي والأدبي والنقدي.

من خلال الإشارة إلى أن أدب الروائي من نصوص سردية

«مستفادة من واقع بيئته» لا سيما في تعاطيه مع غاياتٍ ورغباتٍ وتراكمات وجدانية متصاعدة. كما ظهر هذا النسق جليا في البعد السردي من تجربة الروائي المتعدد؛ إذ تجسّد في سياقاتٍ سردية، استوعبت ما ترتب على هذا الواقع، من طبائع وسلوكياتٍ وتجارب إنسانية متعددة،

كانت غاية هذا العمل هي الكشفُ عن بعضٍ من تجليات تجربة الروائي المتعدد، وفقًا لما تضمّنتْه إشارةُ مؤلف الكتاب إلى ذلك في سياقاتٍ مختلفة، امتدت إلى الصفحات الأخيرة، التي تضمّنت واحدةٌ منها تأكيدا لهذه الغاية، الماثلة في الإلمام بأطرافٍ من منجز المتعدد فنيا .

وقد اتّسعَ فيها الكشفُ باتساع التجربة وثرائها المتنوع؛ إذ أحالت مسارات الكتابة على الجهد الكبير الذي بذله المؤلف في إنجاز كتابه، وعلى امتلاكه قدرة فائقة على التعاطي مع تجربة استثنائية، متعددة الفضاءات غزيرة الإنتاج الكتابي.

وإلى ذلك، فإن من أهم ما وصلت إليه هذه الرحلة، هو تقديم رؤية واضحة في مسارات تجربة الروائي المتعدد، ضمن مختبر المناهج النقدية في تأطير الاشتغال المعرفي والإبداعي والثقافي لسرديات كاتب أبهر جمهور باشتغالاته الحكائية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار